حقُّ تأديب الآباء للأبناء بالضرب مطلقٌ جائزٌ أم نسبيٌّ مُحدَّد؟ "واقعة أبٍ يضرب ابنه بتصوير تدلي به زوجته في بغداد – الراشديَّة - أنموذجًا"
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
إنَّ النفس البشريَّة بروحها وجسدها تعدُّ إحدى المصالح الخمس ( الدين، النفس، العقل، النسل، المال) التي من أجل صيانتها وُضعت الأحكام الشرعيَّة وجعلتها غايتَها ومقصدَها، ولقد خلق اللهُ هذه النفس البشريَّة - أي الإنسان - وقدَّره وأعزَّه وكرَّمه وأودع فيه سرَّ خلقه ما يحميه إلى حين، غير أنَّ مُمارسة الأب أو الوليِّ لحقِّه في تأديب ابنه تقتضي المساسَ بهذه النفس البشريَّة؛ أي بجسم الابن، وذلك بالضرب أحيانًا, وبما أنَّ حقَّ التأديب هو حقٌّ ثابتٌ للأب على الابن، وبما أنَّ الشرع والقانون كفلَا هذا الحقَّ وقرَّراه بيد الأب وجعلاه حقًّا له هو ومن في حكمه من أولياء الأمور يُمارسه تجاه الأبناء، إلا أنّه قد يتجاوزُ هذا الحقَّ بشكلٍ يُنافي الكرامة الإنسانيَّة، وهذا ما نُشاهده ونسمع عنه كثيراً في الاعتداءاتٍ التي تحصل من الآباء تجاه الأبناء تحت ستار خصوصيَّة العائلة التي تمنع التدخُّل بشأنها، واستناداً لحقِّ التَّأديب الذي يعدُّه الكثير سبباً مطلق للإباحة، ممَّا جعلنا هنا نحاول بوضعَ حلٍّ يتلاءم مع كيفيَّة التَّوفيق بين مبدأ حُرمة الجسم، والمبدأ الذي يسمح للأب ومَن في حكمه بتأديب الابن بالضَّرب, ولا شكَّ أنَّ هذا التَّوفيق يتمُّ عن طريق وضع الضَّوابط التي يجب أنْ يُراعيها الآباءُ في تربية أبنائهم حتى لا يخرج حقُّ التَّأديب عن هدفه النهائيِّ، وهو المُحافظة على الحياة وصيانة الصحَّة بالسلوك القويم والتَّربية والتَّعليم الصحيح لتخريج جيلٍ عاملٍ بعلمه وبناء أسرةٍ حكيمةٍ ومُجتمعٍ قويم، بناءً على أن الحقوق ليست مطلقة، وأنما غائية، فلكل حق غايته الاجتماعية التي يستهدفها، مع الاخذ بنصوصٍ قانونيَّةٍ خاصَّةٍ لا تسلب من الأب حقَّ توبيخ أبنائه من جهة ولا تسمح له بالتعسف في استعمال حق التأديب من جهةً اخرى.